كتب الصحفي البريطاني جوناثان كوك أن إعلان بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا الاعتراف بدولة فلسطين في أواخر 2025 لا يعد خطوة حقيقية، بل يكرر الخداع الذي رافق مسار أوسلو منذ ثلاثة عقود. يوضح كوك أن هذه الدول لو اتخذت الموقف نفسه في التسعينيات، عندما كان من الممكن بناء دولة فلسطينية، لكان المشهد مختلفًا، لكن الاعتراف الآن يأتي في لحظة محو متسارع لفلسطين من الخارطة.
يشير تقرير ميدل إيست آي إلى أن اتفاقيات أوسلو أنشأت سلطة فلسطينية هدفها الظاهر التمهيد لانسحاب إسرائيلي تدريجي، لكن قادة إسرائيل، من رابين إلى نتنياهو، لم يقبلوا أصلًا بدولة كاملة السيادة. رابين تحدث عن "كيان أقل من دولة"، وبعد اغتياله صعد نتنياهو على أكتاف اليمين ليعرقل العملية، مكرسًا سياسة التوسع الاستيطاني وفرض "تفسيره الخاص" للاتفاقيات.
ويشرح الكاتب أن الولايات المتحدة تبنت عبر إدارات متعاقبة هذا النهج، إذ فشلت قمة كامب ديفيد في 2000 في التوصل إلى حل، ثم قدّم جورج بوش "خريطة طريق" عقيمة، فيما انهار مشروع أوباما أمام الإصرار الإسرائيلي على الاستيطان. أما ترامب فحوّل فكرة الدولة إلى مسرحية عبر "صفقة القرن" وخطط "توطين" الفلسطينيين خارج أرضهم.
منذ عملية السابع من أكتوبر 2023 التي نفذتها حماس، استغلت إسرائيل الأحداث لتبرير حرب إبادة في غزة ودفع الضفة نحو الضم الفعلي، بينما قدم بايدن الغطاء العسكري والدبلوماسي. ومع ذلك، تواصل أوروبا وأستراليا الاعتراف الرمزي بفلسطين من دون أي ضغوط عملية على إسرائيل، بل مع فرض شروط تُفرغ الدولة من معناها: نزع سلاحها، إقصاء حماس، مراقبة المناهج، وربط الانتخابات بموافقة إسرائيلية.
يشدد التقرير على أن هذا الاعتراف ليس سوى وسيلة لغسل صورة هذه الحكومات أمام شعوبها، خاصة مع اقتراب مؤتمرات سياسية ضاغطة مثل مؤتمر حزب العمال البريطاني. فهو لا يلزم الغرب بوقف بيع السلاح لإسرائيل أو فرض عقوبات عليها، بل يرافقه استمرار العلاقات الدبلوماسية والتجارية.
ويكشف الكاتب أن جانبًا آخر من الاعتراف يرتبط بخوف بعض الحكومات الأوروبية من ملاحقتها قضائيًا، بعدما تجاهلت قرارات محكمة العدل الدولية التي وصفت الاحتلال بأنه غير قانوني وطالبت بإنهائه. فبينما تسعى هذه الدول لتبرئة ساحتها أمام القانون الدولي، تظل سياساتها الفعلية داعمة للاحتلال والإبادة.
ويخلص التقرير إلى أن هذه الاعترافات لا تحمل تغييرًا ملموسًا، بل قد يستخدمها قادة إسرائيل لتبرير مزيد من القمع والتوسع. ورغم أن الخطوة قد تفتح الباب لضغوط شعبية أقوى ضد حكومات الغرب المتواطئة، فإنها تعكس في جوهرها استمرار المعادلة القديمة: وعود شكلية للفلسطينيين تقابلها حماية غربية مطلقة لإسرائيل
https://www.middleeasteye.net/opinion/recognition-palestine-repeat-wests-oslo-peace-fraud